جامعات العالم بأسرها بما فيها جامعة دمشق تنتهج في علومها كل الوسائل المبتكرة التي تجعل للمادة العلمية روحًا تجذب إليها أدمغة وطاقات طلابها المتّقدة بروح الشباب وروح التجريب والإبداع، فمن هنا يكون للتطوع باب ذا فائدة جلّى في تعزيز روح العمل الجماعي وتبادل الخبرات والكفائات، لذالك جعلت القوانين الدولية الخامس من كانون الأول من كل عام يومًا عالميًا للتطوع، لأنه دافعٌ أساسيٌ من دوافع التنمية بمفهومها الشامل اقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا وثقافيًا، ودليل ساطع على حيوية المجتمع واستعداد أفراده للتفاني والتضحية.
وهو أيضًا “نوع من الإختبار الحر للعمل، وقناعة لمشاركة الأفراد طواعية في العمل من واقع الشعور بالمسؤولية”، والعمل التطوعي عبادة، حيث قال رسول الله صلى الله علية وسلم “أن لله عبادًا اختصهم لقضاء حوائج الناس، حببهم للخير وحبب الخير إليهم، أولئك الناجون من عذاب يوم القيامة”.
وبهذة المناسبة شارك المعهد الهندسي بالعمل التطوعي الجماعي مع جامعة ومعاهد دمشق بإعادة ترميم حديقة خولة بنت الأزور والسور الأثري المجاور لها (حي باب توما)، فوقع الاختيار على قسم الرسم الهندسي لصناعة ماكيت يوضع في الحديقة، حيث اختارت الآنسات المهندسات المشرفات على صناعة الماكيت (م.باسمة نونة، م.شذا السويد، م.روعة القادري) عددًا من الطلاب المميزين للقيام بهذا العمل، وبدأ العمل في غرفة الإتحاد النسائي العام مقابل الحديقة.
كان العمل ميدانيًا وقُسِّم الطلاب إلى مجموعات، وبدأ العمل برسم السور على امتداد أكثر من 100 متر وبمقياس100\1 وأخذت المقاييس بدقة، ورسم على مرحلتين، الأولى على الورق والثانية على برنامج الرسم الهندسي AutoCAD، وتم رفع السور؛ وهي المرحلة الأولى، حيث أصبحنا نعتمد على مخطط في القص، ورسم الموقع العام بنفس الاسلوب.
بدأ القص يدويًا ثم باستخدام قص الليزر، وتم استخدام مادة البيلزا كمادة أساسية لتمثيل السور، حيث كانت الدّقة هي المبدأ الأساسي لصناعة هذا الماكيت. ويعلو السور الأثري بيوت رُكبت على السور بعد أن فقد أهميتة العسكرية في الدفاع عن مدينة دمشق، وهذة البيوت قديمة حتى أنها أصبحت أثرية ومن جسم السور، فتراها مكسوة بالطينة الكلسية، واستخدم لتمثيلها كرتون ماكيت 2 مم مكسو بالألوان الترابية.
استخدم لتمثيل الموقع العام عدة مواد، فاستخدم الفلين المضغوط لتمثيل الأرصفة واستخدم العشب والشاي المصبوغ لتمثيل دوار وساحة باب توما، واستخدم البيلزا والألوان الترابية لتمثيل باب توما، ولا ننسى السارية (منارة دمشق) التي صممها الفنان الأستاذ عبد الناصر ونوس ومثلت بالماكيت، وضريح الشهيدة خولة بنت الأزور… والحديث يطول عن هذا الماكيت والمواد المستخدمة.
كانت إضاءة الماكيت مميزة، حيث كان مقياس الماكيت صغير 100\1 فيجب أن تكون نقاط الإضاءة صغيرة جدًا، واستخدمت أنواع إنارة حديثة، حيث يضيء الماكيت أربع أجهزة ألياف زجاجية، كل جهاز يحتوي على مدفع ضوئي و 40 ليف بطول 2 متر متعدد الألوان عن طريق جهاز تحكم عن بعد (ريموند كونترول)، بالإضافة إلى شريط ليدات Strep led RGB 60Led\m 24v أيضًا، ويمكن التحكم بالألوان عن طريق الريموند كونترول، بالإضافة إلى مجموهة من الليدات التي تضيئ السور من الأسفل والسيارات والأعمدة المضاءة.
استغرق العمل حتى اتمامه شهرين متتالين، شارك به 49 طالبًا وهم (محمد نزار الأبرش، زياد كردي، أنس جمعة، محمد عامر عرفة، محمد عماد الدين النحلاوي، محمد نجيب مشوح، محمد الحموي، محمد إيهاب الوزور، نور عجاج، هبة عجاج، سالي بكر، نور برادعي، هلا سرور الملاح، نور أبو دية، ولاء دحان، ياسمين شهاب، نور الهدى سلامة، سارة الجلاد ، مروة كوارة، وئام باسط، إياد حموش، أماني النشواتي، آلاء الاختيار، حنين الأغبر، دعاء المصري، دلامة التقي، ربيع شلبي، سلاف عقل، عهد الحموي، لبنى بيطار، لمعان الشيخ، لوليا البيك، ماري مورو، ولاء سلوم، هلا الدمشقي، محمد توتونجي، مالك ميبر، مايا سلطان، مرام منفاخ، يمان السماني، محمد جوبي، ميديا حاجي، ميساء الحسن، ميناس الأديب، زهراء روماني، هدى القادري، علا الدبش، قمر العليوي، محمد أمجد أبو شامة).
وقد أشرف عليه الأساتذة المهندسات (شذا سويد، روعة القادري، باسمة نونة) وحل ضيفًا عليه المهندس يحيى الساطي، وكان افتتاح المشروع بتاريخ 5-12-2010 بمناسبة اليوم العالمي للتطوع والسنة العالمية للتطوع.
يعتبر هذا الماكيت من وجهة نظري من الماكيتات الهامة جدًا، حيث تم صناعته من قبل طلاب المعهد الهندسي، والتي كانت مجرد بدايات الانطلاقة لهم بالعمل على أرض الواقع والمكللة بالنجاح ويرقى إلى المستوى المطلوب من جهة، ولأنه عُرض خارجيًا في الهواء الطلق ضمن الحديقة من جهة أخرى، بالإضافة إلى الدقة العالية في صناعتة؛ وهي من التجارب الجديدة، ولكن ما لبث أن فشلت كون العوامل الجوية أثرت على الخشب المحيط به وأدّت إلى دخول الرطوبة والمياه، مما سبب تخرب جزء من الماكيت.
تعاون جماعي و طني ليس غريبا على السوريين ! الدراسة الغير كاملة , كعدم أخذ العوامل الجوية و الظروف الأخرى بنظر الاعتبار , تقلص ديمومة الأعمال الطموحة و تكبح من حماس الشباب و تدعو لخيبة الأمل بقدرة المنظمين و القيادات . مرض الأنا يجب التخلص منه في أية أعمال قادمة .